(إعداد.. يوسف صدوق)
الرياض – تبذل المملكة العربية السعودية جهودا حثيثة لتعزيز أمنها الطاقي، بما يفضي إلى تحقيق تنمية مستدامة تستجيب لمتطلبات الحفاظ على البيئة ورفع معدلات النمو الاقتصادي في الآن ذاته.
وقد تبدى هذا المسعى، جليا، في إطلاق المملكة مؤخرا لحزمة تدابير تروم تنويع مزيج الطاقة واستدامة مصادرها وإمداداتها في هذا المجال الحيوي. وتأكد هذا المسار، وفق ما رصده ملاحظون، بتوقيع السعودية وصندوق “رؤية” التابع لشركة “سوفت بنك” اليابانية، أول أمس الثلاثاء، اتفاقية لإنشاء شركة للطاقة الشمسية، تتخذ من المملكة مقرا لها.
ووصفت الصحافة السعودية الشركة المزمع إنشاؤها ب”الأكبر في العالم” من حيث إنتاج الطاقة الشمسية، وستقوم بتوليد الطاقة الشمسية في المملكة ودول أخرى بقدرة تصل إلى 200 جيغاوات من الكهرباء بحلول 2030.
ونقلت عن المتحدث باسم (سوفت بنك) ماثيو نيكولسن قوله عقب التوقيع على الاتفاق مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي يزور الولايات المتحدة حاليا، إن المشروع يهدف إلى انتاج الكهرباء من عدة محطات شمسية في كل أنحاء البلاد بحلول 2030، على أن ينتج في المرحلة الأولى 7.2 جيغاواط، مشيرا إلى أن تكلفة المرحلة الأولى من المشروع تصل إلى خمسة مليارات دولار.
وتسعى السعودية، أكبر الدول المصدرة للنفط في العالم، إلى خفض فاتورة استهلاك الكهرباء، إذ طرحت السنة الماضية عروضا لبناء محطة شمسية لانتاج 300 ميغاواط كأول مشروع من نوعه في بلد يعتمد بشكل كلي على النفط والغاز الطبيعي لتوليد احتياجاته من الكهرباء وتحلية المياه.
ويرى المختصون أنه بالنظر إلى السياق العالمي اليوم، فإن هذه الخطوة تتسق مع متغيرات موضوعية خيمت على المشهد الطاقي عبر العالم، دفعت الرياض إلى العمل على تعزيز أمنها الطاقي من خلال البحث عن بدائل للوقود الأحفوري، لاسيما في ظل محدودية موارده وتكلفته، إضافة إلى ضغط النمو المتزايد للطلب على الكهرباء والمياه المحلاة نتيجة الازدياد المطرد لأعداد السكان في المملكة (32 مليون نسمة).
وإزاء ذلك، تتوقع بيانات شبه رسمية، أن يزيد الطلب على الكهرباء في المملكة بحلول 2032 إلى 120 جيجا وات، فيما شهد الطلب عل الطاقة الكهربائية خلال الخمس سنوات الماضية نموا مرتفعا بلغ قرابة 30 في المئة.
وتؤكد هذه المعطيات أن الطلب على الكهرباء سيرتفع بنسبة 15 في المئة، خلال السنوات الخمس القادمة، في الوقت الذي سيحتاج فيه إنتاج الطاقة والنقل والصناعات وتحلية المياه بواسطة الوقود الخام إلى ما يعادل 8.3 ملايين برميل بحلول 2028، مقارنة بـ 3.4 ملايين برميل في عام 2010.
ومن ضمن الخطط الرامية أيضا إلى الحد من الارتهان الكلي بالوقود الأحفوري، موافقة مجلس الوزراء منتصف الشهر الجاري على (السياسة الوطنية لبرنامج الطاقة الذرية) التي تضمنت بنودا تؤطر طبيعة التعامل مع الطاقة الذرية “وفق التشريعات والمعاهدات والاتفاقات الدولية مع الحرص التام على مبدأ الشفافية، وتحقيق معايير الأمن النووي”.
وبرأي المختصين في مجال الطاقة، فإن مزايا استخدام الطاقة النووية تتمثل، أساسا، في أن كمية الوقود النووي المطلوبة لتوليد كمية كبيرة من الطاقة الكهربائية، تعد أقل بكثير من كمية الفحم أو البترول اللازم لتوليد نفس الكمية من الطاقة.
كما أن محطات الطاقة النووية التي تعمل بشكل جيد تنتج كمية أقل من النفايات أو الانبعاثات التي تتسبب في الاحتباس الحراري.
ويظل وقود اليورانيوم متوفرا بكثرة وبكثافة عالية وسهل الاستخراج والنقل مقارنة بمحدودية مصادر الفحم والبترول، إضافة إلى كونه مصدر “آمن” لا يؤدي إلى وقوع حوادث تشغيلية.
وتستهدف السعودية من خلال هذا المشروع، الذي يندرج في إطار “البرنامج الوطني للطاقة المتجددة”، زيادة حصة الطاقة المتجددة المستدامة إلى إجمالي مصادر الطاقة في المملكة، تنفيذا للأهداف والتوجهات العامة الواردة في برنامج التحول الوطني 2020، ورؤية المملكة 2030.
وتتولى مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة تنفيذ مكونات المشروع الوطني للطاقة الذرية ومنها إنشاء المفاعلات النووية الكبيرة، وهي مفاعلات ذات قدرة كهربائية تقدر ما بين 1200 -1600 ميجا وات من السعة الكهربائية للمفاعل الواحد، التي تسهم في دعم الحمل الأساسي في الشبكة الكهربائية على مدار السنة.
وتؤكد المدينة على موقعها الالكتروني، أن المملكة تدرس إمكانية بناء طاقة إنتاجية في الأمد الطويل لتوليد 17.6 غيغاوات من الكهرباء باستخدام الطاقة النووية بحلول 2032، أي ما يعادل الطاقة المنتجة من حوالي 17 مفاعلا نوويا قياسيا.
المصدر/ ماب