اختارت البرازيل عقد (كوب30) في مدينة بيليم الواقعة في منطقة الأمازون، على أمل التأكيد بشكل رمزي على أهمية غابات العالم التي لا تزال مستهدفة، بسبب عمليات قطع الأشجار والصناعات بما في ذلك التعدين والزراعة واستخراج الوقود الأحفوري.
ويشارك في المؤتمر تحالف الدول الجزرية الصغيرة، تكتل “مجموعة 77 والصين”، “مجموعة أفريقيا”، و”مجموعة باسيك” التي تضم البرازيل وجنوب أفريقيا والهند والصين في حين تخلت دول كبرى عن دورها القيادي. وتعد الولايات المتحدة، التي انسحبت من اتفاق باريس، أبرزها.
ومع انسحاب الولايات المتحدة، وهي واحدة من أكبر الدول المسببة للانبعاثات وأحد أكبر الممولين للجهود المناخية، تراجعت الموارد المالية المتاحة لدعم مشاريع التكيف مع تغير المناخ في تلك الدول، هذا التراجع في التمويل الدولي يعني أن العديد منها لن تتمكن من تنفيذ مشاريع التكيف مع تغير المناخ، مثل تحسين إدارة الموارد المائية أو تطوير الزراعة المقاومة للجفاف. نتيجة لذلك، ستتفاقم الأزمات البيئية والاقتصادية، مما يزيد من حدة الفقر والبطالة، وهما عاملان رئيسيان في تغذية التطرف العنيف والهجرة المناخية وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
وينعقد مؤتمر المناخ كوب 30 في الوقت الذي يعرف فيه العالم تقلبات واهتزازات وحروب اتت على الاخضر واليابس، وقضت على مؤشرات التنمية المستدامة.
فكيف لمؤتمر كوب 30 ان يقدم حصيلة الدول المناخية، والعالم المصنع لا زال يتصدر الدول الملوثة، ولا زالت دول الجنوب تستقبل سمومه المناخية ومخلفاته الخطيرة؟
كيف يمكن الحديث عن حصيلة المناخ في كوب 30، في الوقت الذي لا زالت فيه الدول الغربية تتلكأ وتتهرب من الايفاء بالتزاماتها المالية اتجاه دول الجنوب؟
كيف يمكن تقييم حصيلة المناخ، والغرب يقتات من الفتن والحروب والانقلابات بدول الجنوب ويدوس على طبيعتها وتنوعها الحيوي ويستغل مواردها الطاقية؟
فهل يمكن لدول مثل اليمن، سوريا، العراق، لبنان، ليبيا وفلسطين، السودان، مالي، الكونغو، تنزانيا، النيجر الى غير ذلك من الدول الافريقية والعربية واللاتينية ان يكون لها مشروع مستدام ومساهمة وطنية محددة مناخية وهي تعيش ظروفا سياسية واقتصادية واجتماعية صعبة جدا؟
فكيف يمكن تقييم الحصيلة المناخية، والعالم كشف بشكل مفضوح تواطؤ الغرب مع اسرائيل في عدوانها على فلسطين دمرت فيها الاخضر واليابس وكل انواع الحياة من ارض تربة ونبات وماء وبنيات تحتية؟
ان دول الشمال تتعامل بمعيارين مع الدول العربية الاسلامية والافريقية بحيث بينت الاحدث التاريخية ان ما يشغله هو الحفاظ على سيادته وهيمنته واستغلاله لموارد دول الجنوب الطبيعية والطاقية، للحفاظ على رفاهيته مع تفقير تلك الدول وتكريس تخلفها لكي تبقى تابعة وخانعة ومنصاعة لأوامره، انها عبودية باليات جديدة؟
سينتهي المؤتمر كما العادة باجتماع المفاوضون في جلسات تستمر طوال الليل للبحث عن حلول وسط. ثم تجتمع الدول مرة أخرى للموافقة على القرارات من خلال توافق أغلبية الآراء وليس الإجماع. ودائما تقريبا تتأجل الجلسة الختامية، التي تُعلن فيها نهاية القمة، لعدة أيام في كثير من الأحيان.
ويختتم المؤتمر بإصدار بيان يتضمن الالتزامات الكلاسيكية للدول اتجاه المناخ، وسيقفل ابوابه وسخبه، لتعود الدول الى عاداتها القديمة ومنطقها الاقتصادي البراغماتي الضيق، وليتنصل الغرب كعادته من التزاماته المالية، ولتعاني دول الجنوب من تلوث الغرب وهيمنته الاقتصادية واوضاعها الاجتماعية المزرية.
ما يمكن ان نخلص اليه ، ان انسحاب الولايات المتحدة الامريكية من اتفاق باريس وتلكؤ الدول الغنية من الايفاء بالتزاماتها المالية، تظهر حاجة دول الجنوب خاصة الدول العربية والافريقية إلى الاعتماد على نفسها في مجال الطاقة النظيفة وإدارة الموارد الطبيعية، والعمل على تشجيع الاستثمارات المحلية والإقليمية في مشاريع الطاقة المتجددة؛ وتعزيز التعاون الإقليمي لمواجهة التحديات المناخية، مثل إنشاء مشاريع مشتركة للطاقة النظيفة وإدارة الموارد المائية، وتطوير نماذج تنموية مبتكرة ومستدامة من خلال الاستثمار في المشاريع الخضراء، والعمل على بناء قدرات مرنة للتكيف المناخي في الزراعة والبنية التحتية.