الاخطار المهددة للموارد المائية بالمغرب

albayaanewspressalmaaatarbiyab

عدّ الماء من العناصر الأساسيّة الموجودة في الكرة الأرضيّة، وهو من أكثر المواد توفراً على سطحها و في باطنها، كما إنّه من أهم العناصر الّتي يحتاجها الإنسان في حياته اليوميّة، ولذلك فقد قال تعالى في كتابه الحكيم: ( وجعلنا من الماء كلّ شيءٍ حي أفلا يؤمنون  – سورةالأنبياء آية 30 ،

مكونات الماء

الماء مركب كيميائي مكون من ذرتي هيدروجين وذرة من الأكسجين. ينتشر الماء على الأرض بحالاته المختلفة، السائلة والصلبة والغازية. وفي الحالة السائلة يكون شفافا بلا لون، وبلا طعم، أو رائحة.

دور الماء في حياتنا

1- الماء في المنزل:

يستعمل الناس الماء لأكثر من حاجتهم للبقاء أحياء فهم يحتاجونه للتنظيف

و الطبخ و الاستحمام و التخلص من الفضلات فاستعماله بهذه الصورة يعتبر ضربا من الرفاهية لكثير منهم و يتعين على الناس في القرى سحب الماء يدويا من بئر القرية أو حمله في جرار من البرك و الأنهار البعيدة عن منازلهم

و يمكن أن يستعمل كل فرد في بلد متقدم ما معدله 260لتراً من الماء في منزله يوميا حيث يلزمه استخدام 11لترا لطرد أقذار المرحاض و من 115-150لترا للاستحمام و38 لترا لغسل الأطباق و 115 لترا لتشغيل غسالة ملابس

2- الماء للري و الزراعة:

معظم النباتات التي يزرعها الإنسان تتطلب كميات كبيرة من الماء و يزرع الناس معظم محاصيلهم الزراعية في المناطق ذات الأمطار الوفيرة

ولكنهم في سبيل الحصول على ما يكفيهم من الغذاء فإنه يلزمهم ري المناطق الجافة ولا تعتبر كميات الأمطار التي تستهلكها المحاصيل الزراعية من ضمن استعمالات الماءو مياه الري التي تستعملها أمة ما تعتبر مهمة بالنسبة لموارد هذه الأمة المائية , إذ إن هذه المياه تعتبر مستهلكة زائلة و لن يبقى منها شيء يعاد استعماله

تأخذ النباتات الماء عن طريق جذورها ثم تمرره بعد ذلك عبر أوراقها إلى الهواء على هيئة غاز يسمى بخار الماء وتحمل الرياح هذا البخار و يزول السائل و من الناحية الأخرى فإن كل ما نستخدمه من الماء في منازلنا يعود إلى مصادر الماء ثانية حيث يعاد استعماله مرة أخرى

3- الماء لإنتاج الكهرباء:

لإنتاج القدرة الكهربائية اللازمة لإضاءة منازلنا و تشغيل المصانع تقوم محطات توليد القدرة الكهربائية باستعمال الفحم الحجري أو أي وقود آخر لتحويل الماء إلى بخار و يؤمن البخار الطاقة اللازمة لتشغيل الآلات التي ستنتج الطاقة الكهربائية  وتستخدم محطات توليد القوة الكهرومائية طاقة المياه الساقطة من الشلالات و السدود لتدوير التوربينات التي تدفع بدورها مولدا لإنتاج الكهرباء

4– الماء للصناعة:

تعتبر الصناعات الأكثر استعمالا للماء و هي تستعمل بعدة طرق فهي تستعمله في تنظيف الفاكهة و الخضروات قبل تعبئتها أو تجميدها كما يستعمل مادة أساسية في المشروبات الغازية و الأطعمة المعلبة المحفوظة و منتجات عديدة أخرى في تكييف الهواء و تنظيف المصانع  ولكن معظم كميات المياه المستعملة في الصناعة يتم استعمالها في عمليات التبريد  فمثلا يبرد الماء البخار المستعمل في إنتاج القدرة الكهربائية من حرق الوقود كما يقوم بتبريد الغازات الساخنة الناتجة عن عمليات تكرير النفط0 و يبرد الفولاذ الساخن في مصانع الفولاذ

ومع أن الصناعة تستعمل كميات وفيرة من الماء إلا أن نحو 20% من هذا الماء يعتبر مستهلكا مهدراً

5- الماء لعمليات النقل :

يستخدم الإنسان البحيرات و الأنهار في تنقلاتهم و حمل بضائعهم و ذلك بعد أن تعلموا بناء القوارب الصغيرة و بعد أن بنوا القوارب الكبيرة أبحروا في المحيطات بحثا عن بلاد و طرق تجارية جديدة و لا زالوا يعتمدون على عمليات النقل البحري لنقل منتجاتهم الثقيلة كالآليات و الفحم الحجري و الحبوب و الزيوت

6- الماء لعمليات الترويح:

استخدم الإنسان الماء في متنزهاتهم و وسائل ترويحهم على امتداد البحيرات و الأنهار و البحار و هم يتمتعون بالرياضات على الماء كالسباحة و صيد السمك و الإبحار  كما يتمتعون بجمال البحيرات الهادئة

و شلالات الماء الهادرة و الأمواج الصاخبة التي تتكسر على الشواطئ

الموارد المائية بالمغرب

الموارد التقليدية

يحتوي المغرب على ستة أنهار كبرى والتي من الشمال إلى الجنوب هي نهر لوكوسونهر ملوية ونهر سبو ونهر أبي رقراق ونهر أم الربيع ونهر تنسيفت وحوض كبير هوحوض سوس ماسة. تنبع كل هذه الأنهار من سلسلة جبال الأطلس باستثناء نهر لوكوس

الموارد غير التقليدية

مياه التحلية

يعتبر اللجوء إلى تحلية مياه البحر أمرا حتميا في جنوب المغرب والذي يعرف مناخا جافا. أنشئت أول محطة لإنتاج الماء الصالح للشرب عن طريق تحليةمياه البحر في 1976 بقدرة 75 متر3 في اليوم في طرفاية. وتبعتها عدة محطات للتحلية أكبرها التي توجد في العيون بقدرة 7000 متر3 في اليوم. سمح إنشاء واستغلال هذه المحطات التي يبلغ عددها ستة بتطوير خبرة في المغرب لجلب تقنيات جديدة أكثر ملائمة وأصبحت طاقها الإنتاجية 12000 متر3 في اليوم.[20] تبقى تكلفة الماء المحلى (ماء البحر أو الماء القاري المالح) مرتفعة (3 دولارات للمتر المكعب) ويبقى أيضا استخدام هذه التقنية لإنتاج الماء الصالح للشرب هو البديل الأخير المختار في التخطيط لتعبئة المياه كما هو الحال في مناطق حيث تستهلك فيها جميع الموارد التقليدية -مدينة أغادير- المتمثلة في المياه المجمعة في السدين المجاورين ومياه الشرفة الباطنية. لكن في أقصى جنوب المغرب تبقى تحلية الماء الحل الوحيد لتوفير الماء الصالح للشرب

المياه المعالجة

يتم التخلص من المياه العادمة في الوسط الطبيعي بسبب تدهور قطاع الصرف الصحي ويلاحظ استعمال المياه المنزلية المستعملة في المدن الداخلية الكبيرة

السدود في المغرب

في المغرب مائة وثمانية وعشرون سدا كبيراوسدود بأحجام متنوعة ومتوزعة في أنحاء البلاد تقوم بوظائف متعددة من توفير الماء للشرب والصناعة والسقي وري الماشية وتغذية الفرشات المائية وحصر الفيضانات

استعمالات المياه بالمغرب

تبلغ كمية استغلال الموارد المائية في المغرب 12.6 كلم3 في السنة ويحتل بذلك المرتبة الحادية والأربعين[35] وتم استغلال النسبة الأكبر من هذه المياه في الزراعة(87%) ثم الاستعمال المنزلي (10%) فالصناعة (3%) في 2000 وفي 2003 تم استغلال 2.28 مليار متر3 في الاستعمالين الصناعي والمنزلي منها 0.7 مليار متر331%) جاءت من مصار باطنية و 1.58 مليار متر3 (69%) من مصادر سطحية. في بعض أنحاء البلاد مثل منطقة سوس ماسة في الجنوب يلاحظ استغلال مفرط للمياه الباطنية لأغراض الصناعة

الاخطار التي تهدد موارد المياه بالمغرب

الجفاف

يعرف المغرب بين الفينة والأخرى تعاقب فترات من الجفاف حيث تتميز بقلة الأمطار أو انعدامها وخصوصا في المناطق الشرقية والجنوبية وبعض الأحيان في أغلب أراضي البلاد كسنوات 1944-1945 و 1980-1985 و 1991-1995 و 1998-2002[21] التي اتسمت بزحف التصحر والجفاف الحاد والتي تتراوح فيها نسبة العجز المائي في الأحواض أحيانا بين 82 و 97%

التصحر

يواجه المغرب أيضا مشكل التصحر حيث يفقد 31 هكتار من غاباته في السنة ولا يطال هذا المشكل فقط المناطق الجنوبية بل حتى الشمالية حيث فقدت غابة معمورة أكثر من نصف مساحتها منذ 1920 وخصوصا في الفترة من 1951 (مائة ألف هكتار) حتى 1992 (ستين ألف هكتار). أما في الجنوب كما هو معروف، فقد زحفت الرمال على 280 ألف هكتار لتصل إلى واحتي درعة وزيز وأصبح 1500 نوع من النباتات مهددا بالانقراض أغلبها من النباتات التي لا توجد إلا في المغرب.[48] ومن أهم أسباب التصحر تناقص موارد الماء بفعل التغيرات المناخية بوتيرة 7% منذ 1992 والاستخراج العشوائي لهذه المادة الحيوية اللازمة لتطور الغطاء النباتي وكذا الرعي الجائر وحث التربة الناجم عن التقنيات الفلاحية غير الملائمة لتربة المنحدرات وازدياد ملحية التربة واستنزاف الغابات. كل هذه الأسباب زادت من وتيرة التصحر حتى 30000 هكتار في السنة وأغلبها من أراضي الغابات

إطماء السدود

تواجه جميع الأحواض التي تقع بها سدود ظاهرة حث التربة بالمياه والتي تحدث بسبب طبيعة التربة والغطاء النباتي وشدة التساقطات وتزداد بفعل النشاط البشري. تتراكم التربة التي تقتلع في قعر السدود فتقلص من الطاقة الاستيعابية بها وهذا ما يفسر نسبة التقلص الحالية 5% من الطاقة الكلية أي ما يعادل 65 مليون متر3 سنويا. من ال 17.5 مليار متر3 (الطاقة الكلية) مليون متر3 بها طمي. فعلى سبيل المثال، كانت طاقة سد محمد الخامس -الذي بدأ الخدمة في 1967- 730 مليون متر3 موجهة لري 77000 هكتار وتزويد الماء الصالح للشرب وتوجيه الفياضانات فقد أكثر من نصف طاقته وتقلصت مساحة الأراضي المسقية وما زاد الطين بلة سنوات الجفاف والخطر الأكبر يكمن في تقلص القدرة على توجيه وحصر الفياضانات.[] من الصعب إيجاد حلول لهذا المشكل لأن من أسبابه النشاط البشري ويتجلى في بعض المناطق في نشاطات العائلات الفقيرة التي تعيش عليها.

التلوث

تواجه جودة المياه السطحية والباطنية تدهورا ملحوظا وأهم مسبباته هي:

التخلص من مياه الصرف الصحي لأكثر من 26 مليون نسمة دون تنقيته (180 مليون متر3 من مياه الصرف تلقى في المجاري المائية أو على التربة).

التخلص من المياه العادمة الصناعية دون تنقية في المجاري المائية.

يبلغ الإنتاج السنوي للمخلفات المنزلية والصناعية 4700000 طن والجزء الأكبر منها يلقى في مقالب قرب حواف المجاري المائية في مناطق الموارد المائية فيها ضعيفة وتتأثر بشكل دائم.

رشح الأسمدة والمبيدات المستعملة في الزراعة.

حوادث تسرب الملوثات وخصوصا حوادث السير حيث سجل منذ 1987 أكثر من 25 حادث كبير لناقلات الهيدروكربونات.

الاستنزاف

يتم استنزاف الموارد المائية في أغلب الفرشات الباطنية المعروفة ويرجع السبب في ذلك لتطور الزراعة المائية التي بسبب سنوات الجفاف المتتالية تم اللجوء فيها إلى الفرشات الباطنية في الخمسة عشر سنة السابقة ويلاحظ تناقص عام في مستويات الكهرباء الانضغاطية في الفرشات يقدر في فرشة سايس ب 60 متر في العشرين سنة الماضية. يمكن أن يتسبب الاستنزاف، الملاحظ منذ السبعينات، في تناقص الموارد المائية ونضوب العيون وتدني جودة المياه بسبب تسرب مياه البحر ويؤثر على المستوى الاقتصادي لتلك المناطق (سوس ماسة وسايس وتمارة والحوز والأحواض الأطلسية الجنوبية) ويمكن أن يؤدي ذلك إلى كارثة جيولوجية وزحف التصحر.

كيفية حماية الموارد المائية في المغرب

الماء في القانون

ينظم القانون رقم 95-10، الذي جاء في الظهير الشريف رقم 1.95.154 الصادر في 18 من ربيع الأول 1416 (16 أغسطس 1995 استعمال الماء وفي ما يلي أسباب صدور القانون:

«يعتبر الماء موردا طبيعيا أساسيا للحياة ومادة ضرورية يرتكز عليها الجزء الأكبر من الأنشطة الاقتصادية للإنسان، كما أنه مورد نادر يتميز توفره بعدم الانتظام في الزمان والمكان، وهو أخيرا شديد التأثر بالانعكاسات السلبية للأنشطة البشرية. إن ضروريات التنمية الاقتصادية والاجتماعية تفرض اللجوء إلى تهيئة الماء لتلبية حاجيات السكان التي تعرف تزايدا مستمرا. وغالبا ما تكون هذه الحاجيات متنافسة، بل وحتى متناقضة، الأمر الذي يجعل عملية تدبير الماء جد معقدة وتنفيذها صعبا. ولمواجهة هذه الوضعية، كان من الضروري التوفر على أدوات قانونية ناجعة قصد تنظيم توزيع الموارد المائية ومراقبة استعمالها وكذا ضمان حمايتها والحفاظ عليها…

كذلك تنص المادة 1 في الباب الأول على أن “الماء ملك عام” والباب الثالث ينظم كيفية المحافظة على الملك العام المائي وحمايته والباب الرابع على تخطيط تهيئة الأحواض المائية والباب السادس ينص على التدابير لمحاربة التلوث.

إجراءات الدولة

يتخذ المغرب عدة تدابير للحد والتخفيف من المشاكل التي تهدد الماء ومن بينها الجفاف كإحداث مرصد وطني للجفاف للمساعدة على اتخاذ القرار بهدف معالجة تأثيرات الجفاف وتلبية الحاجيات الآنية للساكنة القروية من الماء الصالح للشرب وتزويد الأسواق بالحبوب وإغاثة الماشية بتوريدها وتوفير الشعير ودعم المواد العلفية مع تعميم التغطية الصحية للقطيع ودعم الدخل في العالم القروي، بتوفير فرص الشغل وإعادة جدولة ديون الفلاحين وحماية الثروات الطبيعية والمحافظة على الثروات الغابوية. كما أحدث برنامج جديد لمحاربة الجفاف في المغرب في 2007 يرتكز على السقي واقتصاد الماء وذلك بتمويل من إسبانيا والمغرب ومساعدة تقنية من منظمة الأغذية والزراعة. ونظرا للتطور السريع للطلب على الموارد المائية، لجأ المغرب لتغطية هذا الطلب إلى الاستغلال المنهجي للمياه السطحية التي تخزنها سدود كبرى ولمواجهة هذه الوضعية حدد على المدى البعيد إستراتيجية خاصة بمجموع القطاع وتتجلى في سن سياسة اقتصاد الموارد المائية وذلك بإدماج السكان في شبكة التوزيع العمومية عن طريق تطبيق قانون التسعيرة المتزايدة كما ترتكز هذه الإستراتيجية على محاولة تبني تخطيط صارم يعتمد على التتبع المنهجي للاستهلاك وتسمح بتحسين تدابير الموارد المائية تبعا لحاجيات مختلف المستعملين. وبسبب تعقيد تدبير الماء في المغرب الذي يتوزع بين وزارة الفلاحة ووزارة الداخلية ومكتب الماء الصالح للشرب ووزارة الطاقة والمعادن والماء والبيئة وما يفاقمه من عقبات إدارية قررت الدولة خوض تجربة الجهوية المائية التي قد تقدم حلا ناجحا لهذا المشكل وتقلل من تحكم المركز في السياسة المائية

نبذة عن الكاتب

عبد المجيد بوشنفى، مدير النشر للموقع الاليكتروني " البيئة بريس"، حاصل على جائزة الحسن الثاني للبيئة، و على جائزة التعاون المغربي- الالماني في الاعلام البيئي، عضو بشبكة الصحفيين الافارقة من اجل البيئة، ورئيس الجمعية المغربية للاعلام البيئي والمناخ.

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *