وجهت خمس هيئات نقابية ومهنية وازنة في قطاع الصحافة والإعلام مراسلة إلى رئيس الحكومة، عبّرت من خلالها عن استيائها العميق من إحالة الحكومة لمشروع قانون رقم 26.25 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة على مجلس المستشارين، بعد المصادقة عليه في وقت وجيز من طرف مجلس النواب.
وأكدت الهيئات الموقعة أن خطوة الحكومة تأتي ضد إرادة غالبية الجسم الصحفي والإعلامي، ووسط رفض واسع من النقابات المهنية والمنظمات الحقوقية وهيئات المجتمع المدني، معتبرة أن المشروع يفتقر إلى الشرعية والمصداقية الميدانية، لأنه لم ينبنِ على تشاور حقيقي مع المهنيين، بل تم تمريره تحت ذريعة توصيات اللجنة المؤقتة لتسيير قطاع الصحافة والنشر.
وتضمنت المراسلة انتقادات لاذعة لمقتضيات المشروع، حيث اعتبرته الهيئات مخالفاً للفصل 28 من الدستور ومدونة الصحافة والنشر، وضرباً لجوهر فلسفة التنظيم الذاتي للقطاع. كما شددت على أن المشروع جاء خارج مقاربة الإشراك الفعلي، ويفرض آليات تمثيلية غير متكافئة بين الصحافيين والناشرين، من خلال المزج بين الانتخاب الفردي المفتوح والتعيين، وهو ما يفتح الباب لهيمنة المؤسسات الإعلامية الكبرى وإقصاء المقاولات الصغيرة والمتوسطة.
وانتقدت النقابات المهنية والنشرات الموقعة تبني الحكومة لمقاربة ضبطية تحدّ من استقلالية المهنة وحرية الصحافة، مع تكريس هيمنة “الناشرين الكبار” على القرار داخل المجلس الوطني، وهو ما يتعارض ـ حسب قولهم ـ مع الفصول 8 و11 و12 من الدستور، ومع التزامات المغرب الدولية في مجال الحريات النقابية والتمثيل المهني.
وطالبت المراسلة رئيس الحكومة بـ التدخل العاجل لسحب المشروع من مجلس المستشارين، وإعادته إلى طاولة الحوار القطاعي، انسجاماً مع المادة 78 من الدستور التي تنص على ضرورة التشاور والتوافق في مشاريع القوانين ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي والمهني.
ووقّع على المراسلة كل من:
عبد الكبير اخشيشن، رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية.
محتات الرقاص، رئيس الفيدرالية المغربية لناشري الصحف.
محمد الوافي، رئيس الجامعة الوطنية للصحافة والإعلام والاتصال ـ الاتحاد المغربي للشغل.
عبد الواحد الحطابي، الكاتب العام الوطني للنقابة الوطنية للإعلام والصحافة ـ الكونفدرالية الديمقراطية للشغل.
عبد الوافي حراق، رئيس الكونفدرالية المغربية لناشري الصحف والإعلام الإلكتروني.
وبهذا، يكون مطلب الهيئات النقابية والمهنية واضحاً: وقف مسار تمرير مشروع القانون بصيغته الحالية، وفتحه من جديد على نقاش حقيقي مع ممثلي القطاع، بما يحفظ استقلالية المهنة ومبادئ التنظيم الذاتي.
