تُؤمّن الموانئ ما يقارب 90% من التبادل العالمي للبضائع من حيث الحجم، وأكثر من 80% من حيث القيمة. وتلعب محطات الحاويات دورا أساسيا في هذه التبادل التجاري. على صعيد القارة الإفريقية، تصنف خمس منها فقط ضمن أفضل 100 محطة في العالم. وقد شهد عدد الحاويات التي ناولتها هذه الموانئ الإفريقية تطورا متباينا خلال الفترة 2020-2025. وفيما يلي التفاصيل.
لا شك أن الموانئ تلعب دورا أساسيا في سلاسل اللوجستيك العالمية، نظرا لأن ما يقارب 90% من التبادل العالمي للبضائع من حيث الحجم تمر عبرها. كما أنها تلعب دورا مهما في تسهيل نقل البضائع إلى وسائل نقل أخرى مثل النقل الجوي والبري والسكك الحديدية والأنهار، مما يجعلها منصات متعددة الوسائط للتوزيع العالمي للبضائع. وبالتالي، تساهم البنية التحتية للموانئ في تسهيل نقل البضائع وتعزيز الربط العالمي.
وفي هذا الإطار، تلعب محطات الحاويات الكبرى دورا أساسيا كمراكز لإعادة شحن البضائع، وبنية تحتية أساسية للواردات والصادرات، ونقاط دخول وخروج للدول غير المطلة على البحر.
وبالتالي، تجني الدول ذات الموانئ الكبيرة والمواقع الجغرافية الاستراتيجية على طرق الشحن الرئيسية مزايا جيوستراتيجية لا يمكن إنكارها.
على صعيد القارة الإفريقية، عززت بعض موانئ الحاويات مكانتها كمراكز إقليمية رئيسية في التجارة العالمية. وهي موانئ تحظى باهتمام كبرى شركات الشحن العالمية (شركة البحر الأبيض المتوسط للملاحة-MSC، وإي بي إم ميرسك-APM-Maersk، وسي إم إي-سي جي إم-CMA CGM، وكوسكو شيبينغ-Cosco Shipping، وهاباغ-لويد-Hapag-Lloyd، وغيرها من الشركات العالمية).
هذا هو الحال بالنسبة لميناء طنجة المتوسط في المغرب، وبورسعيد في مصر، وميناء ديربان في جنوب إفريقيا، وميناء لومي في الطوغو، وهي الموانئ الرئيسية في القارة، وتصنف من بين أكبر موانئ الحاويات في إفريقيا حسب قائمة لويد لمائة ميناء وألفا لاينر.
وفي سياق عالمي يتسم بالنمو القوي لحركة الحاويات (زائد 8% في عام 2024) وإعادة تنظيم سلاسل اللوجستيك الدولية، تستثمر جميع موانئ القارة بكثافة لكسب حصة سوقية ولتكون بنى تحتية أساسية لحركة النقل البحري العالمية.
من المتوقع أن يحدث إطلاق موانئ جديدة في المياه العميقة وتوسيع الموانئ القائمة تغييرا كبيرا في تصنيف موانئ الحاويات في جميع أنحاء القارة.
في ظل هذه الدينامية، تستثمر الموانئ في جميع أنحاء القارة لزيادة قدراتها على مناولة الحاويات مع تحسين قدرتها التنافسية. ويحتل ميناء طنجة المتوسط المغربي المركز الأول، حيث يصنف من بين أكبر 20 ميناء للحاويات في العالم، ويعد من أكثر الموانئ تنافسية على مستوى العالم.
وكما تظهر الأرقام، يعد ميناء طنجة المتوسط الميناء الوحيد الذي حقق نموا تصاعديا في مناولة الحاويات خلال الفترة 2020-2024.
يتمتع ميناء طنجة المتوسط بموقع جغرافي استراتيجي على مضيق جبل طارق، مما يجعله ملتقى الطرق البحرية بين أوروبا وإفريقيا وآسيا. يمنحه هذا الموقع دورا محوريا في التجارة الدولية كمركز استراتيجي رئيسي متصل بشبكة تضم أكثر من 186 ميناء في أكثر من 70 دولة. وقد أدى هذا الوضع إلى استقطاب المنطقة عددا متزايدا من المستثمرين وشركات الشحن الكبرى في القطاع البحري.
وقد تحققت هذه المرتبة بفضل رؤية استراتيجية واستثمارات ضخمة استقطبت كبرى شركات الشحن العالمية.
وهكذا، خلال السنوات الخمس الماضية، من 2020 إلى 2024، ارتفعت مناولة الحاويات في الميناء من 5.771 مليون حاوية نمطية مكافئة لعشرين قدما إلى 10.241 مليون حاوية نمطية مكافئة لعشرين قدما، بزيادة قدرها 77.45%. ويعادل هذا الرقم الحجم الإجمالي للموانئ الإفريقية الأربعة الأخرى المصنفة ضمن أفضل 100 ميناء الحاويات في العالم -بورسعيد وميناء الدخيلة في مصر، وميناء ديربان في جنوب إفريقيا، وميناء لومي في الطوغو- والتي تناول كلها 10.826 مليون طن.
وقد أصبح هذا النمو في ميناء طنجة المتوسطي ممكنا بفضل تعزيز بعض المرافق، وتشغيل معدات جديدة، وتحسين مواعيد الموانئ البحرية، مما أدى إلى تقليل أوقات الانتظار.
وقد سمح هذا النمو التصاعدي لميناء طنجة بالانضمام إلى قائمة أكثر 20 ميناء ازدحاما في العالم من حيث حركة الحاويات، محتلا المركز السابع عشر عالميا. في عام 2024، ناول الميناء ما مجموعه 10.241 مليون حاوية نمطية مكافئة لعشرين قدما، وهو مستوى يتجاوز بكثير قدرته على المناولة البالغة 9 ملايين حاوية نمطية مكافئة لعشرين قدما سنويا. وهذا يدل على الإنتاجية الممتازة للميناء، مما يضعه من بين أفضل 5 موانئ كفاءة في العالم. يتفوق ميناء طنجة المتوسطي حتى على موانئ رئيسية في حوض البحر الأبيض المتوسط، بما في ذلك بيرايوس في اليونان، والجزيرة الخضراء وفالنسيا في إسبانيا. ومع تزايد حركة المرور سنويا، عزز المغرب مكانته كقاطرة لإفريقيا في مجال اللوجستيك العالمي.
وتجدر الإشارة إلى أن ميناء طنجة المتوسطي يستفيد من منظومة صناعية دينامية تضم أكثر من 1400 شركة كبرى من مختلف القطاعات (السيارات، والطيران، والنسيج…)، ويد عاملة مؤهلة، وتكاليف تنافسية.



