مع قرب وصول أولى شحنات الغاز الطبيعي المسال من كندا إلى السواحل الآسيوية، تواصل أوتاوا جهودها لتنويع أسواق صادراتها، حيث تعتزم تصدير هذا المورد الطبيعي إلى أوروبا في سياق تطبعه الأزمات الجيوسياسية والتوترات التجارية.
هذه الخطوة تشكل منعطفا هاما في السياسة الطاقية لهذا البلد الواقع بأمريكا الشمالية، والذي اقتصر حتى الآن على تصدير الغاز الطبيعي المسال إلى الولايات المتحدة.
وخلال زيارة قام بها مؤخرا إلى برلين، أعرب رئيس الوزراء الكندي، مارك كارني، عن تأييده لتصدير الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا، وخاصة إلى ألمانيا.
++ قطاع صناعة النفط والغاز يرحب بقرار أوتاوا
وقد حظي الموقف الجديد للحكومة الكندية بترحيب في أوساط قطاع النفط والغاز، إذ أعربت المديرة العامة للجمعية الكندية لمنتجي النفط، ليزا بايتون، عن إشادتها بالدعم الواضح الذي عبر عنه رئيس الوزراء كارني لقطاع النفط والغاز الكندي.
من جانبه، أبرز رئيس الجمعية الكندية للمقاولين في مجال الطاقة، مارك شولتز، أنه يتعين، قبل وصول أول شحنة من الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا، اقتراح العديد من مشاريع البنيات التحتية والمصادقة عليها وإنجازها، مؤكدا أن ذلك سيتطلب الكثير من العمل.
++ التوترات الجيوسياسية والتجارية تعيد رسم خريطة الطاقة العالمية
في أعقاب اندلاع النزاع الروسي الأوكراني سنة 2022، لجأ الاتحاد الأوروبي إلى مصادر بديلة للغاز الطبيعي، من بينها الولايات المتحدة.
بيد أن تصاعد التوترات التجارية مع واشنطن دفع القادة الأوروبيين إلى السعي لتقليل اعتمادهم على الولايات المتحدة، التي تمثل حاليا مصدر ما يناهز الـ20 بالمائة من واردات الغاز الطبيعي الأوروبية.
بدورها، تسعى كندا إلى تنويع شركائها الاقتصاديين وتقليل تبعيتها للسوق الأمريكية.
وفي هذا الصدد، قال وزير الطاقة والموارد الطبيعية، تيم هودسون: “إننا منفتحون على استكشاف كيفية مساهمة الغاز الطبيعي المسال الكندي في مزيج الطاقة العالمي، ليتجاوز آسيا، في حال كان الطلب والبنيات التحتية في كندا متلائمين”.
++ مؤهلات هامة
تعد كندا خامس أكبر منتج ورابع أكبر مُصدر للغاز الطبيعي في العالم. في سنة 2024، كانت معظم صادرات كندا من الغاز الطبيعي موجهة إلى الولايات المتحدة، وبلغت أعلى مستوى منذ 2010.
هذه الصادرات شهدت في 2024 زيادة بنسبة 8.1 بالمائة مقارنة بالعام الذي سبقه. وقد ساهم اعتدال فصل الشتاء في كندا والإنتاج القياسي من الغاز الطبيعي في غرب البلاد إلى زيادة كمية الموارد من الغاز الطبيعي المتاح للتصدير.
وتشير معطيات لوزارة الطاقة الكندية إلى أن الصادرات شكلت 47.8 بالمائة من إنتاج الغاز الكندي خلال سنة 2024، بزيادة قدرها 2.6 بالمائة مقارنة بالعام الذي سبقه، و3.5 بالمائة مقارنة بسنة 2020.
++ أوتاوا مدعوة لمزيد من الاستثمار في البنيات التحتية
وحتى يتسنى لكندا تصدير الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا، يجب أن تمتلك البلاد محطة واحدة أو أكثر للغاز الطبيعي المسال في كيبيك أو المقاطعات الساحلية.
لذلك، فإن الحكومة الفدرالية مطالبة بإنشاء البنيات التحتية الضرورية لتصدير هذا المورد إلى أوروبا، بما في ذلك خطوط الأنابيب والمصانع والموانئ.
وبحسب الملاحظين، فإن الأمر قد يستغرق سنوات قبل أن تتمكن السفن من نقل الغاز الطبيعي المسال من شرق كندا إلى أوروبا.
البيئة بريس/ ماب